المقصود حكم خطبة المرأة في وقت عدتها، سواء كانت عدتها عدة وفاة أو عدة طلاق ، وسواء كان هذا الطلاق رجعياً أو بائناً وحكمها علي النحو الآتي :
(أ) إذا كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي فيحرم خطبتها تصريحاً أو تعريضاً ، لأنها ما زالت في عصمة زوجها وله حق مراجعتها.
(ب) إذا كانت مطلقة طلاقاً بائناً حرمت خطبتها تصريحاً ، ويجوز تعريضاً علي الصحيح، لعموم قوله تعالي (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ) "سورة البقرة 235". فأباح الله التعريض دون التصريح، إلا أنه يجوز لمطلقها فقط التصريح بالزواج مالم يكن طلقها آخر ثلاث تطليقات.
(ج) إذا كانت المرأة معتدة عدة وفاة فإنه يجوز التعريض بالخطبة دون التصريح، لعموم الآية المذكورة سابقاً.
ويلاحظ مما سبق ما يلي :
(1) المقصود بـ"الطلاق الرجعي" هو أن يطلق الرجل زوجته بلفظ من ألفاظ الطلاق، وفي هذه الحالة يمكنه مراجعتها طالما أنها في العدة بعد الطلقة الأول والثانية. وأما الطلاق البائن ويسمي "البينونة الكبري" فهو أن تكون مطلقة الطلقة الثالثة فلا يملك الوج مراجعتها حتي تنكح زوجاً غيره.
ومن الطلاق البائن كذلك ما يمسي "البينونة الصغري" وهو الطلاق علي عوض "الخلع" ، أو فسخ الطلاق بسبب من أسباب الفسخ، أو يكون عدتها قد انتهت من الطلقة الأولي أو الثانية ، فلا يملك الزوج مراجعتها إلا بعقد ومهر جديد.
(2) المقصود "بالتصريح" : اللفظ البين الواضح كأن يقول "أريد أن أتزوجك" أو يقول لوليها "أريد أن أتزوج فلانة" ، وأما "التعريض" كأن يقول : إني فيك لراغب ، أو : لا تفوتيني نفسك أو : إذا انقضت عدتك فأخبريني أو نحو ذلك.
(3) خلاصة ما تقدم : أن التصريح محرم لجميع المعتدات والتعريض محرم للمعدة الرجعية ، وجائز للمعتدة البائن بينونة كبري والمعتدة من وفاة.
(4) ما الحكم لو صرح بالخطبة في المواضع التي يحرم فيها التصريح : يختلف هذا بأختلاف ما يترتب علي هذا التصريح (مع العلم بوقوع الإثم ولزوم التوبة) ويكون الحكم علي النحو الآتي :
(أ) إن خطبها في العدة ، لكنه لم يعقد عليها إلا بعد انقضاء العدة ، فالعقد صحيح علي الراجح.
(ب) إن خطبها في العدة وعقد عليها وهي مازالت في العدة وجب التفريق بينهما ، سواء دخل بها أم لم يدخل بها ، طالت مدته معها أو لم تطل ، وترتب علي ذلك أمور :
ومنها : لا يثبت بينهما التوارث لان هذا نكاح باطل. ومنها : لا يجب نفقة لها علية. حكم الصداق في هذه الحالة : يري بعض العلماء أن لها الصداق بما استحل من فرجها، ومنعه آخرون، والثابت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كان يجعله - يعني الصداق، في سبيل الله لكنه بعد ذلك رجع وجعل لها الصداق.
ومنها : إن كانا عالمين بحرمة هذا العقد ودخل بها وقع عليهما حد الزني، أما إن كانا جاهلين فلا شئ عليهما.
ومنها : فإن كان بينهما ولد وكان الزوج يعلم بحرمة النكاح فلا ينسب له الولد لأنه زانِ وأما إن كان جاهلاً نسب له الولد.
هل يجوز بعد أن يفترقاً وتنتهي عدتها أن يتزوجها ؟
الراجح : نعم يجوز ذلك ، وهو مذهب الجمهور خلافاً للمالكية ، ودليلة قول الله تعالي بعد أن ذكر المحرمات من النساء : "وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ" النساء : 24 ... فلم يمنع من نكاح من نكحها في عدتها إذا فرق بينهما وانتهت عدتها والله أعلم.